الأربعاء، 6 يوليو 2016

‫#‏كوميديا_سوداء‬ (8) صواريخ صدام

‫#‏كوميديا_سوداء‬ (8)
في احدى ليالي كانون ثان يناير 1991 و اثناء الحرب على العراق كنت المناوب الرئيسي في مؤسسة الاتصالات عندما بدأت تتوارد الينا من محطاتنا الفرعية انباء قصف العراق لإسرائيل بالصواريخ. فتوهجت غرفة العمليات فرحا و تكثفت الاتصالات لاستكشاف المزيد من الاخبار التي اثلجت الصدور من بعد جفاف شديد. و وصلنا ان زملائنا في عجلون كانوا يرون الصواريخ وهي تعبر من فوق رؤوسهم و يشيعونها بالدعاء و الفرح. و ان الاهالي في الضفتين صعدوا على اسطحة المنازل لعلهم يشاهدون الصواريخ ولو كان في ذلك احتمال سقوطها عليهم. و عندما سألناهم هل رأوها قالوا انهم رأوا صورة صدام على القمر
وفي هذه الاثناء دخل علينا الوزير وكان شابا صغيرا ليس له أي تاريخ سياسي او اداري او فني وكان يحمل عصا صغيرة مثل عصا الماريشالية و زف الينا بشرى اخرى بثقة و هي سقوط طائرة اسرائيلية كانت متجهة الى العراق في منطقة المفرق و ان بعض رعاة الاغنام قبضوا على الطيار او الطيارين و هم في الطريق الى عمان. و فرحنا و انتشينا حتى توقفنا فجأة و كالمعتاد قلنا "رينا يجيب عاقبة هالفرح على خير". و الحقيقة ان الذي سقط كان احد الصواريخ العراقية قبل ان تصل الى هدفها وان الله سلم فقد كان يمكن ان تسقط على اخواننا هناك.
ما زال صدام له مكانته و رمزيته في قلوب الكثيرين فهو الذي وقف في وجه امريكا و هو الذي قصف اسرائيل بالصواريخ و هو الرجل الشجاع على حبل المشنقة. و لكن هذه كلها فضائل بمقارنته مع غيره ليس الا. و عندما تذكر الناس بانه طاغية قاتل متجبر جاهل دمر بلاده و جيرانه يردون عليك: كلهم كذلك
للأسف الشديد فإننا نقارن السيء بالأسوأ و ننسى اننا خير امة اخرجت للناس و اننا نستحق الافضل
ملاحظة: الوزير المذكور لم يكن فريدا فقد تكرر مثله عدة مرات وكان مؤهلهم الرئيسي هو اسماءهم الاخيرة او اسماء اصهارهم و الحقيقة ان اكثرهم مؤدبون لطفاء. وما زال المسلسل مستمرا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق