السبت، 15 أبريل 2017

تمام يا فندم


 من العلل الكبرى التي لاحظتها واضحة و شائعة في مصر و في كل البلاد العربية و ان كان بدرجات مختلفة و الفاظ مختلفة عبارة "تمام يا افندم" و التي تعني ان المرؤوس سينفذ طلب الرئيس بالتمام و الكمال. او كمن يقول له اعتبر ان الطلب قد تم تنفيذه. و ان هذا هو الاختيار الوحيد للمرؤوس بل هو رغبته و امنيته.
 بالطبع فان هذه العبارة بدأت في بلاط السلطان ثم انتقلت الى الجيش ثم القطاعات العامة الى كل مناحي الحياة. و بالطبع انها لم تعد تحمل معناها لانه مستحيل ، و الكل يعرف ذلك. و لكنها بقيت كعلامة من الخضوع الشكلي و الخادع في الحقيقة لكل الاطراف.
 و للاسف فان هذه العبارة منتشرة على مختلف المستويات. و انظر الى التسريبات الصوتية ما بين كبار المسؤولين في مصر و منها ما بين رئيس الجمهورية ووزير الخارجية التي ردد فيها الوزير عبارة "تمام يا افندم" نحو خمسين مرة.
 اذكر في بداية تعييني عميدا لكلية الاتصالات و مديرا للتدريب ان ديوان الوزارة ابلغنا بموعد قريب لزيارة الوزير للكلية. وكالعادة في مثل هذه المناسبات بدأ التحضير للزيارة بالتنظيف و التلميع و تحفيظ الموظفين ادوارهم و كذلك الطلاب و التنبيه عليهم بضرورة الحضور و الظهور بافضل الصور. وكأن هدفنا من هذه الزيارة ان يخرج الوزير راضيا عنا. و اذكر انه كان لدينا خبير امريكي خدم سابقا في المارينز فلاحظ استعدادتنا لاستقبال الوزير فهمس في اذني: ماذا تريد من الوزير؟ قلت مخصصات لتجديد المختبرات و المرافق و حوافز للموظفين و دورات تدريبية لهم لرفع كفائتهم. قال اذن لماذا لا تعرض له الواقع كما هو؟ لماذ كل هذا التلميع و التحفيظ و الظهور الفارغ على افضل مستوى بينما انت تسعى لذلك و ان المعيق هو قرار الوزير.
 المعنى ان الوزير نفسه هو المسؤول عن الكثير من وجوه التقصير و انني ابذل جهدا للتستر على تقصير الوزير نفسه و ليس هذا فقط و لكن اسعى الى رضاه.
 المشاكل تحل بمواجهتها و ليس بالمجاملات و الخضوع الزائف و بالتستر عليها. هذا الاسلوب في التخاطب و العمل و تحديد المسؤولية هو احد اسباب تخلفنا.