الثلاثاء، 12 يناير 2016

الشرق الاوسط الجديد



و قعت على عبارة "الشرق الاوسط الجديد" في مذكرات الرئيس ايزنهاور عام 1957. و مع تكرارها في السنوات العشر الماضية بدأت اتساءل هل العبارة من مفردات النظام الرأسمالي الانتاجي الاستهلاكي الذي يستعمل كلمة "الجديد" للترويج للسلع. مثلا معجون اسنان كذا "الجديد" او المشروب الفلاني بشكله "الجديد" و بطعمه الرائع القديم او السيارة الفلانية "الجديدة" تماما. و هل يعتبر الغرب ان الشرق الاوسط الحالي وهو احد منتجاته يلزم تجديده دائما لترويجه او لحمابته من المنافسة.
و لفت نظري ما قاله ايزنهاور ايضا عن دور السعودية المرسوم ضد التيار القومي الناصري و فشله المحتوم لعدم التكافؤ. و قارنته بالدور المرسوم اليوم للسعودية ضد الاخوان و ضد ايران و ضد الارهاب مع عدم التكافؤ. فهل ان امريكا غبية الى هذه الدرجة؟ لا اعتقد.
اعتقد ان امريكا تريد ارهاق المنطقة ببعضها بعضا. الدور السعودي قبل 50-60 عاما ضد عبد الناصر او الدور الناصري ضد السعودية ادى الى ارهاق النطام المصري مما جعلها لقمة سائغة في حرب حزيران 67 . فهل سنشهد نهاية مماثلة للصراع الحالي بطرفيه السعودية و ايران.
و ها هو ما ورد في هذه المذكرات:
في 31 كانون الثاني 1957، كتب ايزنهاور في دفتر يومياته الفقرة التالية: «سعود كان هنا، في العشاء الرسمي الذي أقمته له في البيت الأبيض... كنّا نحن بـ«الفراك» (الملابس الرسمية)، وكانوا هم بتلك العباءات. وكان «أولاد البترول» (الامريكيون اصحاب المصالح البترولي) يحومون حول ملك السعودية. طبعاً... فلقد كانت أرباحهم هذه السنة، خيالية!
لقد اختنقت من روائح السعوديين... إن رائحة البخور، لا تزال تملأ البيت الأبيض! والملك السعودي هذا، شخصية من شخصيات القرون الوسطى. هذا المخبول أعطى لخدم البيت الأبيض بقشيشاً ما بين خمسين إلى مئة دولار، لكلّ واحد منهم! ماذا سأقول؟! إنّ إعطاء البقشيش، في البيت الأبيض، ممنوع منعاً باتاً. ولكنّي اللبارحة خرستُ، وحبستُ لساني في فمي!
لا يهمّ! المهمّ أن يدخل سعود في مشروعنا للشرق الأوسط الجديد!»
في تلك الأيام، كان هنالك مشروع أميركي جديد يُطبَخُ للشرق الأوسط، وقد سُمّيَ «مبدأ ايزنهاور»، وقُدّم رسمياً إلى الكونغرس، في يوم 5 كانون الثاني 1957. وكان هذا المشروع يخوّل للرئيس الأميركي - ومن دون الرجوع إلى الكونغرس للحصول على تفويض منه - حق التدخل السريع بالقوة المسلحة، لحماية أي نظام حليف لأميركا في الشرق الأوسط يتعرّض لتهديد (أو خطر تهديد) من قوى الشيوعية العالمية أو من المتعاونين معها. ويخوّل المشروع للرئيس في إطار تدخله ذاك، أن يقدّم المساعدات العسكرية الضرورية لأصدقاء أميركا.
وكتب ايزنهاور في مذكراته يوم 5 كانون الثاني1957، بُعيد إقرار المشروع في الكونغرس، ما نصه: «إنّ على أيّ ديكتاتور في الشرق الأوسط أن يَحسب، منذ اليوم، حساب أي خطوة يتخذها». ثمّ أضاف: «إن ملك السعودية، هو رجلنا الوحيد الذي قد يستطيع أن يتحدّى ناصر في قيادة العالم العربي، وأن يحوّل قاطرته من اتجاه الاتحاد السوفياتي، إلى اتجاهنا».
كشف عبد الناصر محاولات الملك سعود ومخططه لإجهاض الوحدة المصرية - السورية، مما ادى الى انفجار سخط عارم بين أمراء العائلة المالكة السعودية، على سياسات الملك الغبية. وأدّت الفضيحة المدوية، في نهاية المطاف، إلى سحب صلاحيات السلطة من يد سعود، ومنحها إلى ولي عهده الأمير فيصل بن عبد العزيز.
وفي واشنطن، كان تعليق الرئيس الأميركي إيزنهاور، على كل هذا الذي جرى، وفقاً لرواية مساعده السياسي في البيت الأبيض شيرمان آدامز، كالتالي: «لا بد أن نسلّم أن ابن الـ**** هذا، زعيم حقيقي لديه الأعصاب ولديه الكفاءة... والخسارة الحقيقية أنه لا يقف في صفنا، بينما نجد في صفنا قطعة ضخمة من اللحم اسمها سعود!»